مجلة أدبية تهتم بكافة انواع الادب من شعر ونثر وقصة ومقالات وما الى ذلك

الجمعة، 18 ديسمبر 2015

(الشاعر وفن التعامل مع القصيدة). // بقلم الاديب الاستاذ بشري العادلي



(الشاعر وفن التعامل مع القصيدة).
بقلم / بشري العدلي محمد
إن الشعر كغيره من الفنون هو روح الإنسان أو كما يطلق عليه بصمة الروح ، والشاعر له لغته الخاصة التي يعبر بها ، وتحمل صفات الجمال الإنساني ، ولغته تفوق ثروة الإنسان العادي لأنه يملك تعبيرا خاصا بواسطة اللون و الحرف الشعري ، والقصيدة الشعرية تجمع كل الفنون المختلفة كالرسم والموسيقي والنحت واللحن الجميل.
إن القصيدة هي بمثابة صنعة فنية لا يمكن أن تكون بمعزل عن الواقع فليست هي معنى محضا ولا هي مبنى محضا بل هي مبنى ومعنى معا، والشاعر حين يلجأ لبناء قصيدته يصطدم بالتزام قواعد اللغة أي قواعدها و أصولها ، ولا يمكن تجاهل هذا الأمر ..كذلك يصطدم بكيفية استخدام الأساليب التعبيرية الشعرية الموروثة ، وإذا خرج الشاعر عن هذين الإطارين أفرغ قصيدته من حضورها و جمالها ، فهذه اللغة بقواعدها المعروفة و أساليبها هي التي تمنح الشاعر الأصالة و الموهبة الإبداعية.
ولكن يجب الانتباه لأمر مهم وهو أن الشاعر إذا التزم بالقواعد الجافة واستخدم الأساليب الخاصة بها خرجت القصيدة جافة مبتذلة آلية لا روح فيها ، و إن لم يلتزم أيضا بهذين الأمرين خرجت قصيدته هذرا لا حضور لها عند المتلقي .إذن ما المطلوب من الشاعر المبدع؟!
هذا هو سر إبداع الشاعر ، فالمطلوب منه أن يعترف بقواعد اللغة و أصولها و أساليبها المعروفة لكن عليه أن يأخذ لنفسه قدرا من الحرية لتوزيع هذه الأساليب و القواعد وأن يطبعها بشخصيته التي تتوافق مع ميول المتلقي و رغباته و ثقافته المختلفة.
إن اللغة نظام يعتمد علي القواعد التي لا غنى عنها و الشاعر الذي يستطيع أن يخضع معانيه الغامضة لهذه القواعد شاعر مبدع ، وكذلك قدرته علي استخدام الأساليب التي تتيح له أن يخلق لها حياة خاصة في قصيدته..
إن الشاعر يعيش صراعا مستمرا في بناء العمل الغني الخاص به ما بين الالتزام بقواعد اللغة و الأساليب الخاصة به ، وعليه أن يجتاز هذا الصراع بنجاح، فكلما اشتد الصراع نمت الفكرة وغدت عميقة المعاني والصور البلاغية و هذا سر تفرده عن الآخرين ، و يتحقق إبداع الشاعر في طريقته التي يتعامل بها مع الأساليب التي تعينه علي بناء القصيدة بناء محكما ، وبمعني دقيق يتمرد علي القديم ، ولا أعني التمرد علي الشكل في القصيدة لكن التمرد في الجوهر، والتمرد هو إكساب ألفاظ جديدة لتوليد معاني كثيرة في ذهن المتلقي ، فالمتلقي في حاجة لفهم القصيدة بطريقة سهلة ميسرة دون الإخلال بقواعد اللغةو أساليبها المختلفة .
إن الشعر هو لغة داخل لغة والشاعر مطالب بلغة مبتكرة'وهذا ليس معناه ابتكار دلالات لغوية جديدة ليس لها أصل في المعجم 'لكن المقصود في كيفية تركيب اللفظ لدلالات جديدة 'والقصيدة الشعرية التي تحمل متناقضات بين الألفاظ هو نص قادر على الوصول لمرحلة الأداء الدرامي في جميع أشكال القصيدة.
إن سر نجاح القصيدة يكمن في أنها تعبير لغوي و شعري للتعبير عن هموم الإنسان المختلفة في الحياة و قضايا المجتمع..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق