مجلة أدبية تهتم بكافة انواع الادب من شعر ونثر وقصة ومقالات وما الى ذلك

السبت، 23 أبريل 2016

حظة النقيضين // بقلم الشاعر ا/ سعيد علوى

حظة النقيضين
منذ أمد بعيد تعلمت أن النقيضين لا يجتمعان معا ولا يرتفعان الآن أقول: أن هذه القضية غير صادقة ، لأنني أري النقيضين معا يتجسدان في أحشائي كل يهتف بي ، يؤكد ذاته ، يتضارب ، يصرخ ، ينادي ، أنا بداخلك وأنت بداخلي ، وكلنا لن يتخلي عن الآخر ، النقيض يحيي نقيض يجسده يتدرج به ، ينمو ينميه ، يحركه يجعله يتهادي في عز الألم ، ويبكي في أحشاء الفرح ، يقنط في لحظة ابتسم فيها شفاه القلوب ، يجزع وسط شموع الأفراح ، يقنط وهو يعوم فوق هدير الأمل ، الألم يسحب الفرحة من مهدها ، والعروس من ثوبها ، والعريس من ليلته ، يسحبهما ببساطهما ، الفرح إلي حيث يرتسم المأتم ، ويعلو الصريخ ، حيث تتهادي الأيتام بكاء لرحيل الأب لحظة كون الشقيق عريسا ، وتطعن الأم خنجرا في فلذة كبدها ، في لحظة صنعت لابنها من قلبها كوشة العرس ، تنظر إلي ابنها تارة بالثوب الأبيض ، وإلي عروسه التي تزينت واسود زخرف ليلتها ، وطارت إلي الجسد الطريح ، وإلي الملاذ تنتقل من أم عروس لحظة عرس ابنها ، إلي أرملة تفقد رفيق عمرها ، من فرحة ابنها إلي يتم أولادها ، فهي زائغة البصر مترددة ، كيف إلهي رحماك بي أعيش معا النقيضين ؟! كيف تستبدل الذغروتة بصرخة ؟! والابتسامة بأسي ، والسعادة بشقاء ، وأمان الفرحة بخوف الموت ، إلهي أنت تمنح الأقدار ، كيف قدرت لي ولماذا منحتني ؟! إلهي إني أناجيك وراضية بقضائك ، إلهي ما أفدح عطاء الترميل لحظة عرس الأبناء ، وما أفجع مصائب الدهر وسط شموع الأفراح ، وما أدهي وأمر وأضل من ضباب الرحيل وسط شعلة اللقاء بالمعازيم ، ماذا أقول لابني وقد صرخت في فرحته قائلة ، بني زين عرس الصبا ، رد عليها بأي شيء أذ ينه ياأماه ، بزغروتة عرسي أم بصرخة رحيل أبي ؟ رباه : احتضن ابني أباركه لا أم أعزيه ؟ رباه أحمل شمعة فرحة ابن بين يدي أم أطفئها لأرتدي ثوب الحداد علي أبيه ، رباه أربت فوق كتف ابني أقبل عروسته ،أم أجري لأرافق لحظة وفاة زوجي ، رباه أضحي عرس ابني مأتما ، أم أحمل علي رأسي شيئا يواري فرحة ابن لوفاة أبيه .
رباه منحتني النقيضين معا فكيف جمعتهما ؟! بسمة وشقاء ، فرح وحزن ، رباه أسئلك ، اسئلك بحق عطائك أن تعطيني من به أعيش لحظة النقيضين وأن تجملني بالصبر ، وأن أرضي بقضائك خيره ، وشره حلوه ومره ، ( وإنا لله وإنا إليه راجعون ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق