مجلة أدبية تهتم بكافة انواع الادب من شعر ونثر وقصة ومقالات وما الى ذلك

الأربعاء، 20 يناير 2016

( وَصيَّةُ الحُطيئَة ) // بقلم الشاعر ا / اسامة سليم




( وَصيَّةُ الحُطيئَة )
لمّا حَضَرت الُحطيئةَ الوَفاةُ اجتَمعَ عليهِ قومُهُ فقالوا :
يا أبا مُليكه أوصِ .
فقالَ : ويلٌ للشعرِ من راويةِ السوء .
قالوا : أوصِ رَحِمَكَ اللهُ يا حُطيئة.
قال : مَن الَّذي يقولُ :
إذا أنبَضَ الرّامونَ عنها تَرَنَّمَت
تَــرَنُّـــمَ ثكلى أوجَعَـتها الجنائـزُ ؟
قالوا: الشمّاخ ، قالَ : أبلغوا غَطَفانَ أنّهُ أشعَرُ العَرَب .
قالوا: وَيحَكَ ! أهذه وَصيَّة! أوصِ بِما يَنفَعكَ!
قالَ : أبلغوا أهلَ امرئ القيس أنّهُ أشعَرُ العَرَبِ حَيثُ قالَ :
فيالَكَ مــــن ليلٍ كأنَّ نُجومَهُ
بِكلِّ مَغارِ الفَتلِ شُدَّت بيذبلِ
قالوا: اتَقِ اللهَ ودَعْ عنكَ هذا.
قالَ : أبلغوا الأنصارَ أنَّ صاحِبَهم أشعَرُ العَرَبِ حَيثُ قالَ :
يُغشَونَ حتّى ما تَهِرُّ كلابُهم
لا يَسألونَ عَنِ السَّوادِ الُمقبِلِ.
قالوا: هذا ما يُغني عنكَ شيئاً ، فقُلْ غَيرَ ما أنتَ فيه.
فقالَ :
الشّعرُ صَعبٌ وطــويـلٌ سُلَّمُه
إذا ارتقى فــيـهِ الَّذي لا يَعلَمُه
زَلَّـت بِهِ إلى الحَضيضِ قَدَمُه
يُــريــدُ أن يُـعـرِبَهُ فــيُـعجِمُه
قالوا: يا أبا مُليكَه ، ألَكَ حاجة ؟
قالَ : لا والله ، ولكن أجزَعُ على المَديحِ الجيّدِ أن يُمدَحَ بهِ مَن ليسَ لهُ أهلاً.
قالوا: فمَن أشعرُ النّاس؟ فأشارَ بيَدِهِ إلى فيهِ وقالَ :
هذا الجُحَير إذا طَمِعَ في خير ( يعني فَمَه).
قالوا : فما تُوصي للفقراء ؟
قالَ : أوصيهم بالإلحاحِ في المسألةِ فإنَّها تجارةٌ لا تبور.
قالوا: فما توصي لليتامى.
قالَ : كلوا أموالَهم و تزوَّجوا أمَّهاتهم.
ثمَّ قالَ : احملوني على أتان واتركوني راكبها حتّى أموتَ فإنَّ الكريمَ
لا يموتُ على فراشِهِ والأتان مركبٌ لم يَمُت عليهِ كريمٌ قط. فحَملوهُ
على أتان وجَعلوا يَذهبونَ بهِ ويجيئونَ عليها حتّى ماتَ وهو يقولُ :
لا أحَــدٌ ألأمُ مــن حُـطـيَّـه
هـجـا بَنيهِ وهَــجــا الُمريّه
ومن لؤمِهِ ماتَ على فريّه.
وأختمُ الكلامَ عن الهَجّاءِ الألذع بأبياتٍ عارضتُ بهنَّ
أهجى بيتٍ قالَتهُ العَرَبُ بَيتِ الحُطيئةَ في الزبرقان ،
وأسألُ اللهَ العظيمَ التوفيقَ ناقلاً وقائلاً ...
قالَ الحُطيئَة :
دَعِ المَكارِمَ لا تَرحَلْ لِبُغـيَـتهـا
واقعُدْ فَإنَّكَ أنتَ الطاعِمُ الكاسي
فقلتُ : سُبحانَ الله !!! ، كانت أهجى ما قالتِ العَربُ و صارَت
شِعاراً لِلكَثيرِ من أهلِ زَمانِنا !!!
و قلتُ :
هَــجـا الـحُـطيئَةُ لَـمّـا قــالَ قَـولَـتَهُ
كـانت تَـعيبُ فصارَت مَذهَبَ الناسِ
....

لـقد رأيـتُ سَـوادَ الـناسِ طابَ لهم 1
عَيشُ البِهامِ و عَدلُ الفَحمِ بالماسِ
....

لـيـسَ الـمُـخَلَّفُ كـالمِقدامِ إن وُزِنـا
شَـتّانََ شَـتّانََ بـينَ الـذيلِ و الراسِ
....

دَعِ الـحُـطيئَةَ و اقـصدْ كـلَّ مَـكرمَةٍ 2
و إن قَـعَـدتَ فـانتَ الـمَيّت ُ الـخاسي
..........................................

1- سواد الناس : معظمهم ، البهام : البهائم .
عدل : تقويمك الشيء بالشيء من غير جنسه
حتى تجعله له مِثلاً .
2- الخاسي : المطرود و الصاغِر .
http://m.youtube.com/watch?v=XjEAPN1wdd4
من ديواني ( اوّل الغيث ) . http://rsa-magazine.com/?p=2081
للشاعر اسامة سليم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق