مجلة أدبية تهتم بكافة انواع الادب من شعر ونثر وقصة ومقالات وما الى ذلك

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

التجربة في الشعر الذاتي و الموضوعي // بقلم الشاعر ا . بشري العدلي محمد



(التجربة في الشعر الذاتي و الموضوعي)
بقلم/بشري العدلي محمد
إن القصيدة تعبير عن رؤية الشاعر الذاتية لانفعال أو تجربة إنسانية ، و بهذا التعبير الفني يخاطب الشاعر المتلقي خطابا مؤثرا يجعله شريكا فاعلا في تذوق القصيدة أو العمل الفني و الانفعال به ، و تعد القصيدة المستوفاة لهذه المواصفات في العرف النقدي من الشعر الذاتي حيث يتميز الشعر الذاتي بوجود علاقة مباشرة بين أطراف ثلاثة (التجربة الإنسانية ، الرؤية الذاتية للشاعر، المتلقي).
إن الشاعر في الشعر الذاتي يقوم بدور الوسيط المعبر عن ذاته ، و هو يواجه المتلقي مباشرة شريطة أن يكون هناك توافق بينهما، مثلما عبر شاعرنا الجميل إيليا أبو ماضي حين قال:-
يا رفيقي أنا لولا أنت ما وقعت لحنا
كنت في سري لما كنت وحدي أتغني
ألبس الروض حلاه إنه يوما سيجنى .
إن الشاعر هنا نجح في مخاطبة المتلقي لأنه استطاع أن يوجد علاقة بينه و بين العمل الفني و تجربته الإنسانية فكان الخطاب مباشرة ، أما الشعر الموضوعي مثل الشعر المسرحي أو الملحمي فيجب أن يتوافر فيه طرف رابع و هو الشخصيات لأنه لا يخاطب المتلقي مباشرة بل يلجأ إلى القالب القصصي أو الملحمي أو المسرحي ليحمل تجربته إلي الناس، و يتواري خلف ما يبدعه و يتخيله من أحداث و مواقف و شخصيات و حوار ، و أرى أن تسمية هذا النوع من الشعر شعرا موضوعيا لا ينبغي أن يخدعنا عن حقيقة مهمة هي أن الموضوعية قناع يتواري خلفه الشاعر لأن المآل في النهاية هو ذات الشاعر التي تبتكر هذه الوسائط لتكون موصلة للتجربة .
إن نجاح الشاعر في الشعر الموضوعي (الملحمي- المسرحي) يتوقف علي نجاحه في إقناع المتلقي بهذا الحياد الفني، و بأن أحداث المسرحية أو الملحمة جاءت طبيعية و خالية من التصنع ، و أن تكون شخصية المسرحية طبيعية ، و ليست أدوات أو دمى في مسرح للعرائس ، و الإقناع المطلوب هو إقناع فني و ليس ذهنيا أو منطقيا ، و أن يكون المتلقي عنده الاستعداد للاقتناع ، و خير دليل علي نجاح الشاعر في الشعر الموضوعي أحمد شوقي في مسرحياته الشعرية ( مجنون ليلي- علي بك الكبير) و غيرها و كذلك الشاعر حافظ إبراهيم في العمرية .
إن نجاح الشاعر في النوعين من الشعر يتوقف علي موهبته و قدرته علي التعبير عن تجربته من خلال مشاعره و امتلاكه للغة الفصيحة و استخدام الأساليب المعبرة ، و قدرته علي استثمار فنون البلاغة من تشبيه و استعارة و كناية و محسنات بديعية .
إن الشاعر الحق هو في الوقت نفسه رسام و مصور و موسيقي علي طريقته و بوسائله الخاصة ، فهو يستجيب لكل فن، و يستثمر كل الوسائل المتاحة ليصهرها في بوتقتة، و يضع عليها بصمته و سماته الفنية الخاصة به ليجعل القصيدة مجمعا لكل الفنون، و ينفخ فيها من روحه لتستوي خلقا جديدا و جديرا بأن يكون مصدرا للمتعة و تذوق الجمال.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق